الهندسة التجديدية: مقدمة عامة

المقالات >

الهندسة التجديدية: مقدمة عامة

Picture of د. محمد أمين بارجاء

د. محمد أمين بارجاء

  1. ملخص:

تُعتبر الهندسة التجديدية من التفرعات الحديثة للهندسة الطبية الحيوية، وتهدف إلى استخدام تقنيات الهندسة والعلوم الحيوية وعلم المواد والخلايا الجذعية لهندسة وتطوير أنسجة وأعضاء حية كبدائل للأنسجة والأعضاء التالفة والمفقودة كأحد أهم تطبيقاتها. نظرًا لأهمية المجال في إيجاد حلول علاجية جذرية للعديد من الأمراض، شهدت الهندسة التجديدية تطورًا واهتمامًا ملحوظًا في العقد الماضي من قبل المراكز البحثية والجامعات والشركات الطبية حول العالم. في هذا المقال، سنعطي نظرة عامة تعريفية عن الهندسة التجديدية وأهم مقوماتها وعناصرها، وسنتطرق في الحديث على أحدث التقنيات والتطبيقات والتحديات في الهندسة التجديدية بالإضافة الى التوجهات المستقبلية في هذا المجال.

  1. مقدمة:

الهندسة التجديدية هو مجال حديث نسبيًا يتم فيه استخدام أحدث التقنيات المتاحة في العلوم الهندسية، علم المواد، العلوم الحيوية، والخلايا الجذعية بهدف تطوير وإنتاج انسجة وأعضاء حية كبدائل للأنسجة والأعضاء التالفة والمفقودة. تُعتبر الهندسة التجديدية من المجالات المثيرة للاهتمام في العالم الطبي، حيث إنها استطاعت وفي وقت قصير إحداث ثورة في المنهجية المتبعة بالتعامل مع الأنسجة والأعضاء التالفة أو المفقودة، وقد أدت هذه الثورة بالفعل الى العديد من التطورات والاختراعات بالمجال والتي كانت بدورها كفيلة بإحداث نقلة نوعية بالقطاع الصحي.

 

2,1 الآلية العامة المتبعة لتطوير الأنسجة والأعضاء باستخدام الهندسة التجديدية:

لتطوير نسيج او عضو باستخدام الهندسة التجديدية، يتم في بادئ الامر الحصول على أبعاد (مقاسات) النسيج أو العضو المراد تطويره باستخدام أجهزة التصوير المقطعية (Computed Tomography Scan) أو أجهزة الرنين المغناطيسي (Magnetic Resonance Imaging) ليتم فيما بعد محاكاة هذه الابعاد في النسيج أو العضو المهندَس، وتحري الدقة في أبعاد النسيج أو العضو المهندَس تُعتبر ذا أهمية بالغة لضمان نجاح هذه التقنية. تُستخدم هذه الأبعاد فيما بعد بالاقتران مع العلوم الهندسية وعلم المواد لإنتاج مجسمات أولية، أو ما يعرف بالمجال باسم “السقالة” (Scaffold)، تحاكي بشكلها الخارجي والداخلي وصفاتها الكيمائية والميكانيكية والحيوية تلك الموجودة بالنسيج او العضو المراد تطويره. نود الإشارة إلى أن لكل نسيج او عضو بجسم الانسان خصائص وصفات مختلفة عن الانسجة والأعضاء الأخرى. لهذا السبب، تعد محاكاة صفات وخصائص الانسجة والأعضاء المراد تطويرها بالسقالة المهندَسة أمرًا مهما لضمان نجاح العملية كمجمل.

بعد تطوير هذه السقالات، يتم زرع خلايا جذعية بها تكون قد استأصلت سابقًا من نفس المريض. بعد اكتمال عملية الزراعة الخلوية، يتم وضع السقالات بحاضنات أو مفاعلات حيوية لفتره تتراوح ما بين الاسبوع الى الثلاث اسابيع بهدف السماح للخلايا الجذعية المزروعة بالتكاثر والانتشار في السقالة بالإضافة الى السماح لها بالنضوج المبدئي. في بعض الأحيان، وبحسب العضو او النسيج المراد تطويره، يتم اضافه عوامل نمو (بروتينات) في مختلف انحاء السقالة لزيادة كفاءة عمل الخلايا وتسريع عملية التكاثر والنضوج الخلوي.

أخيرًا، تتم زراعة العضو او النسيج المهندَس بمكان الاصابة بالجسم مما يسمح له مع مرور الوقت بالاندماج مع الانسجة المحيطة الى حين اكتمال نموه وتطوره. بعد اكتمال النمو، يتمكن العضو او النسيج المزروع من اجراء وظائفه الحيوية بشكل طبيعي والذي بدوره يعيد التوازن الشامل بالجسم واستعادة جودة الحياة لدى المريض.

  1. تطبيقات الهندسة التجديدية:

للهندسة التجديدية مجموعة واسعة من التطبيقات، من ضمنها على سبيل الذكر لا الحصر:

 3,1 استخدام الأنسجة والأعضاء المهندَسة بالمختبر لتعويض تلك التالفة او المفقودة في جسم الانسان (التطبيق الرئيسي):

تم بالفعل استخدام الانسجة المهندَسة بالمختبرات لتعويض العديد من الانسجة التالفة او المفقودة في جسم الانسان وبنتائج سريرية ناجحة وغير مسبوقة. من الأمثلة على تلك الانسجة النسيج الجلدي، الغضروفي، العظمي، العصبي، القلبي، العضلي، بالإضافة الى الاربطة والاوتار مثل اربطة مفصل الكتف والركبة (الرباط الصليبي) واوتار القدم. علاوة على ذلك، تم أيضا استخدام الأعضاء المهندَسة بالمختبرات لتعويض عدد من الأعضاء التالفة في جسم الانسان مثل المثانة، الاوعية الدموية، صمامات القلب، والقصبات الهوائية.

يجدر الذكر أن الأعضاء تعد أكثر تعقيدًا من الأنسجة، فالأعضاء تتكون عادة من انسجة وخلايا متعددة ومختلفة، بينما يتكون النسيج من نوع واحد من الأنسجة والخلايا. ومن هذا المنطلق، يمكننا الاستنتاج بأن هندسة الأعضاء بالمختبر تعد أكثر تعقيدًا وتحديًا مقارنة بهندسة الانسجة. ولهذا السبب، نجد أن عدد الأعضاء التي استطاع العلماء تطويرها وانتاجها اقل بكثير من نظيرها من الأنسجة. ومع ذلك، تشير نتائج الأبحاث الحالية وتوقعات العلماء في هذ المجال بأن الهندسة التجديدية ستكون قادرة، بمشيئة الله، على تطوير أعضاء أكثر تعقيدًا من تلك التي تم ذكرها آنفًا مثل القلب، الكبد، الكلية، الرئة، والبنكرياس ومن ثم زراعتها بالبشر، مما سيوفر الحل الأمثل لعلاج مشكلة انتظار متبرعين الأعضاء.

من الأعضاء التي من المتوقع ان تقوم الهندسة التجديدية أيضا بتطويرها بالكامل وزراعتها بالبشر هي الأطراف البشرية (القدم من مفصل الركبة الى الأصابع الخمسة). يتم الان بالفعل العمل على تطوير وهندسة أطراف بشرية بالكامل تحتوي على جميع الانسجة المكونة للطرف مثل العظام والعضلات والاربطة والاوتار والاعصاب والاوعية الدموية والغضاريف والجلد. بحسب توقعات مؤسس مجال الهندسة التجديدية الدكتور كاتو لورانسن المنشورة في:

(Science Translational Medicine)، ستتمكن الهندسة التجديدية من تطوير وزراعة أطراف بشرية بالكامل في حلول عام 2030. الخبر الذي زرع الأمل في نفوس الكثير من فاقدي الأطراف وذوي الإعاقة ومستخدمي الأطراف الصناعية.

 3,2 تأسيس وتطوير عملية زراعة الأعضاء المهندسة:

لا تنحصر تطبيقات الهندسة التجديدية على تطوير وهندسة الانسجة والأعضاء فحسب، بل على تأسيس وتطوير الطرق المتبعة في عملية زراعتها بالجسم لضمان ارتفاع معدلات النجاح وزيادة الفعالية العلاجية.

 3,3 الاكتشافات الدوائية:

بالإضافة الى استخدام الانسجة والأعضاء المهندَسة كبدائل للأنسجة والأعضاء التالفة او المفقودة، يمكن أيضًا استخدامها في الاكتشافات الدوائية. يعود السبب بذلك الى ان الانسجة والأعضاء المهندَسة تحاكي بشكل كبير الوظائف الفسيولوجية للأنسجة والأعضاء الموجودة في جسم الانسان، وبالتالي يمكن ان تستجيب مع الادوية المكتشَفة والمطورة حديثًا بنفس الطريقة التي تستجيب لها الانسجة والأعضاء بالجسم. يمكن أن يساعد ذلك في:

3,3,1 – تحسين كفاءة وسلامة تطوير الأدوية بسبب أنه من الممكن الان تجربة مدى فعالية الدواء على نسيج او عضو خارج الجسم وبالتالي معرفة مدى الحاجة الى تعديل التركيبة الدوائية قبل ان يتم استخدامها من قبل البشر.

3,3,2 – التقليل من الحاجة إلى اجراء التجارب على الحيوانات.

  1. الخلايا في الهندسة التجديدية:

تقوم الهندسة التجديدية باستخدام أنواع مختلفة من الخلايا اثناء عملية هندسة وتطوير الأنسجة والأعضاء. الى هذه اللحظة، تم استخدام العديد من الخلايا في الهندسة التجديدية، بما في ذلك الخلايا الجذعية، والخلايا السلفية، والخلايا المتمايزة.

  • الخلايا الجذعية:

الخلايا الجذعية هي خلايا غير متمايزة لديها القدرة على التمايز(التحول) إلى أنواع مختلفة من الخلايا. بمعنى، يمكن للخلايا الجذعية ان تتمايز (تتحول) الى خلايا عظمية لتكون نسيج عظمي، او الى خلايا عضلية لتكوين نسيج عضلي، او الى خلايا عصبية لتكون نسيج عصبي، وهكذا. يمكن الحصول على الخلايا الجذعية من مصادر مختلفة، بما في ذلك الأنسجة الجنينية (الخلايا الجذعية الجنينية) والأنسجة البالغة (الخلايا الجذعية البالغة).

4,1,1 الخلايا الجذعية الجنينية (Embryonic Stem cells (ESCs)):

الخلايا الجذعية الجنينية هي خلايا متعددة القدرات، مما يعني أن لديها القدرة على التمايز إلى جميع أنواع الخلايا في الجسم دون استثناء ولذلك تعتبر هي الأفضل في هندسة الانسجة والاعضاء. ولكن، يعتبر استخدام الخلايا الجنينية مثيرًا للجدل وغير أخلاقي بسبب ان الحصول عليها يستلزم قتل الجنين في البويضة من اجل استخراج هذه الخلايا. ولهذا السبب، تم اصدار تحريم دولي لاستخدام هذه الخلايا في الاغراض العلاجية.

4,1,2 الخلايا الجذعية البالغة:

كما هو الحال مع الخلايا الجذعية الجنينية، تعتبر الخلايا الجذعية البالغة متعددة القدرات أيضًا، مما يعني أن لديها القدرة على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا. ولكن تُعد قدرتها على التمايز محدودة مقارنة بالخلايا الجذعية الجنينية، أي أن لديها القدرة على التمايز الى عدد محدود من الخلايا. يمكن الحصول على الخلايا الجذعية البالغة من مصادر عديدة مثل النخاع العظمي، الدهون، والدم.

تُعد الخلايا الجذعية الوسيطة (Mesenchymal Stem Cells (MSCs)) من أشهر أنواع الخلايا الجذعية البالغة، وتعتبر من الخلايا التي يتلاءم استخدامها في الهندسة التجديدية نظرًا لقدرتها على التمايز إلى مجموعة متنوعة من أنواع الخلايا، بما في ذلك الخلايا العظمية والخلايا الغضروفية والخلايا الشحمية. أي أن بالإمكان هندسة العديد من الانسجة والأعضاء باستخدامها.

  • الخلايا السلفية:

الخلايا السلفية هي خلايا متمايزة جزئيًا لديها القدرة على التمايز إلى عدد محدود جدًا من الخلايا. أي انها نصف جذعية ونصف متمايزة. توجد الخلايا السلفية في أنسجة مختلفة في جميع أنحاء الجسم وتلعب دورًا رئيسيًا في إصلاح الأنسجة وتجديدها ويمكن استخدامها في الهندسة التجديدية. أحد الأمثلة على الخلية السلفية هو الخلية الساتلية (Satellite Stem Cells (SSCs))، والتي توجد في العضلات الهيكلية وهي مسؤولة عن إصلاح العضلات وتجديدها.

  • خلايا متمايزة:

الخلايا المتمايزة هي خلايا ناضجة تمامًا خضعت بالفعل للتمايز إلى نوع خلية معين مثل الخلية العظمية والخلية العضلية والخلية العصبية والخلية القلبية وغيرها من خلايا الجسم المتمايزة الاخرى. على الرغم من أنها ليست لديها القدرة على التمايز إلى أنواع أخرى من الخلايا، بعكس الخلايا الجذعية أو الخلايا السلفية، إلا أنه لا يزال من الممكن استخدامها في الهندسة التجديدية. أحد الأمثلة على الخلية المتمايزة التي تم استخدامها في الهندسة التجديدية هي الخلية الغضروفية، المسؤولة عن إنتاج الغضروف وصيانته.

  1. عوامل النمو في الهندسة التجديدية:

عوامل النمو هي بروتينات نشطة حيويًا لديها القدرة على رفع الكفاءة الوظيفية للخلايا وتلعب دورًا مهمًا في إصلاح الأنسجة وتجديدها وصيانتها، وبالتالي فهي عنصر مهم في الهندسة التجديدية اذ يتم عادة إضافتها بالسقالات المهندَسة لزيادة كفاءة نمو النسيج أو العضو.

يوجد العديد من عوامل النمو المختلفة التي تم استخدامها مسبقًا في الهندسة التجديدية، ومن أبرزها البروتينات المكونِة للعظام (Bone Morphogenetic Proteins (BMPs))، وعامل النمو التحويلي بيتا (Transforming Growth Factor-Beta (TGF-β))، وعامل نمو الخلايا الليفية (Fibroblast Growth Factor (FGF))، وعامل النمو الشبيه بالأنسولين (Insulin-Like Growth Factor (IGF))، وعامل النمو المشتق من الصفائح الدموية (Platelet-Derived Growth Factor (PDGF)).

  • البروتينات المكونة للعظام (BMPs)

تعد البروتينات المكونة للعظام من عوامل النمو التي تلعب دورًا رئيسيًا في نمو العظام وإصلاحها. تمت دراستها واستخدامها في الهندسة التجديدية على نطاق واسع، ويعود ذلك نظرًا لقدرتها الفعالة في تعزيز تمايز الخلايا الجذعية إلى خلايا عظمية، بالإضافة الى دورها في تعزيز تكوين العظام وتجديدها في الجسم الحي.

  • عامل النمو التحويلي بيتا (TGF-β)

عامل النمو التحويلي بيتا هو عامل نمو يلعب دورًا رئيسيًا في إصلاح الأنسجة وتجديدها. اثبتت الدراسات السابقة أنه يساعد ويعزز في تكوين أوعية دموية جديدة وتجديد الأنسجة المختلفة، بما في ذلك العظام والغضاريف والجلد.

  • عامل نمو الخلايا الليفية (FGF)

هو عامل نمو يلعب دورًا رئيسيًا في إصلاح الأنسجة وتجديدها. اثبتت الدراسات السابقة أنه يعزز من عملية التكاثر الخلوي وتمايز الخلايا الجذعية لأنواع مختلفة من الخلايا، بما في ذلك خلايا الجلد وخلايا العضلات وخلايا الغضاريف.

  • عامل النمو الشبيه بالأنسولين (IGF)

هو عامل نمو يلعب دورًا رئيسيًا في إصلاح الأنسجة وتجديدها. اثبتت الدراسات السابقة أنه يعزز من عملية التكاثر الخلوي وتمايز الخلايا الجذعية لأنواع مختلفة من الخلايا، بما في ذلك خلايا العضلات وخلايا العظام.

  • عامل النمو المشتق من الصفائح الدموية (PDGF)

هو عامل نمو يلعب دورًا رئيسيًا في إصلاح الأنسجة وتجديدها. اثبتت الدراسات السابقة أنه يعزز من عملية التكاثر والانتشار الخلوي للعديد من الخلايا، بما في ذلك خلايا الجلد وخلايا العضلات الملساء الوعائية.

  1. السقالات في الهندسة التجديدية:

السقالات هي عبارة عن هياكل ومجسمات ثلاثية الأبعاد تحاكي في شكلها الخارجي والداخلي وصفاتها الكيميائية والحيوية والميكانيكية تلك الموجودة في الانسجة الطبيعية. تعد السقالات من اهم عناصر الهندسة التجديدية حيث إنها توفر البيئة المناسبة والملائمة لنمو الخلايا وتمايزها. يوجد العديد من الطرق الهندسية المختلفة التي يمكن استخدامها لإنتاج سقالات للهندسة التجديدية، بما في ذلك الهلاميات المائية، والغزل الكهربائي، وتلاحم الكريات المجهرية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد.

  • الهلاميات المائية (Hydrogels)

الهلاميات المائية هي عبارة عن شبكات خيطية ثلاثية أبعاد لديها القدرة على حبس وامتصاص كميات كبيرة من الماء ويتم عادةً صناعتها عن طريق تعريض المادة الخام لتفاعل كيميائي يعرف “بالتشابك” بوجود الماء، مما يؤدي إلى تحويل المادة الخام إلى خيوط متشابكة يحتبس بداخلها الماء. تمت دراسة الهلاميات المائية على نطاق واسع في مجال الهندسة التجديدية نظرًا لقدرتها على محاكاة التركيبة الداخلية وصفات وصلابة العديد من الأنسجة. يمكن إنتاج الهلاميات المائية من مجموعة متنوعة من المواد (البوليمرات) الطبية الصناعية منها والطبيعية. تتميز الهلاميات بسهولة تشكيلها إلى أشكال مختلفة. ولكن نظرًا لضعف خصائصها الميكانيكية، عادةً ما تُستخدم الهلاميات المائية في هندسة الانسجة ذات الطبيعة اللينة مثل العضلات، الغضاريف، أنسجة الدماغ وغيرها من الأنسجة اللينة.

  • الغزل الكهربائي (Electrospinning)

الغزل الكهربائي هو تقنية تمكن من إنتاج ألياف خيطية رفيعة جدًا (بحجم النانو) من مجموعة متنوعة من البوليمرات. لإنتاج الألياف الخيطية النانوية باستخدام الغزل الكهربائي، يتم في بادئ الامر وضع محلول بوليمري بداخل حقنة تكون موصولة بإبره معدنية. يتم بعدها توصيل الإبرة المعدنية بتيار كهربائي عادة ما يكون مقداره من (2-20 فولت). بعد توصيل التيار الكهربائي، يتم دفع المحلول البوليمري الى الخارج بواسطة جهاز دفع، وعند مرور المحلول بداخل الإبرة المعدنية، يتعرض المحلول للتيار الكهربائي مما يؤدي إلى تحول المحلول الى ألياف خيطية نانوية يتم سحبها وتجميعها في نقطة معينة.

أثبتت الدراسات السابقة أن الألياف النانوية تشابه صلابتها وشكلها الخارجي العديد من الانسجة الحيوية مثل الجلد والعضلات والاوتار والاربطة، مما يجعلها سقالة جذابة لهندسة هذه الانسجة.

  • تلاحم الكريات المجهرية (Microsphere Sintering)

تلاحم الكريات المجهرية هي تقنية لإنتاج سقالات ثلاثية الأبعاد من الكرات المجهرية. تتضمن العملية انتاج كريات مجهرية بوليمرية تتراوح احجامها من 300 الى 800 ميكرون، ومن ثم وضعها في قوالب بأشكال واحجام مختلفة وتعريضها للحرارة ليتم دمج الكرات المجهرية معًا، مما يؤدي إلى تكوين سقالة. اثبتت الدراسات أن تلاحم الكريات المجهرية تقنية فعالة لإنتاج سقالات لهندسة أنسجة العظام لما تتصف به السقالات المصنوعة بهذه التقنية من صلابة تشابه صلابة العظام، بالإضافة الى تشابه شكلها الخارجي والداخلي للعظام.

  • الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing)

الطباعة ثلاثية الأبعاد هي تقنية تستخدم لإنتاج مجسمات ثلاثية أبعاد من نماذج وتصاميم رقمية. تتضمن العملية وضع مادة الطباعة (البوليمر) بداخل الطابعة ومن ثم طباعة هذه المادة طبقة تلو الأخرى حتى يتكون الشكل النهائي (السقالة). تتميز هذه التقنية عن غيرها من التقنيات بقدرتها الفعالة على انتاج سقالات تحاكي اشكالها الخارجية والداخلية الانسجة والأعضاء الطبيعية وبدقة متناهية. أثبتت الطباعة ثلاثية الأبعاد أنها تقنية فعالة لإنتاج سقالات لمجموعة متنوعة من الأنسجة، بما في ذلك العظام والغضاريف والجلد.

  • الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد (3D Bioprinting)

الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد للأنسجة والأعضاء هي نوع من أنواع الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتختلف عنها بأنها تتضمن استخدام الخلايا الحية والمواد الحيوية اثناء عملية الطباعة، مما يجعلها أكثر تقدمًا وتعقيدًا. وتعد هذه التقنية جديدة نسبيًا مقارنة بالطباعة ثلاثية الأبعاد.

تتم الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد أولًا بأخذ أشعة مقطعية أو مغناطيسية للعضو أو النسيج المراد طباعته ومن ثم تحويله إلى نموذج ثلاثي أبعاد. يتم بعد ذلك إرسال النموذج إلى الطابعة ليتم طباعة العضو او النسيج. بداخل الطابعة، يتم وضع مواد هلامية مائية، تعرف باسم بايو إنك (Bioink) تكون محملة بملايين الخلايا. يتم بعد ذلك طباعة العضو او النسيج طبقة تلو الأخرى باستخدام المواد الهلامية التي تم وضعها بالطابعة مسبقًا إلى حين اكتمال الشكل النهائي للعضو او النسيج. بعد اكتمال مرحلة طباعة العضو او النسيج، يتم وضع المجسم المطبوع بحاضنات او مفاعلات حيوية لفترة تتراوح ما بين الاسبوع الى الثلاث اسابيع بهدف السماح للخلايا بالتكاثر والانتشار في المجسم او السقالة المطبوعة بالإضافة الى السماح لها بالنضوج المبدئي. أخيرًا، تتم زراعة العضو او النسيج المطبوع بمكان الاصابة بالجسم.

تم اثبات فعالية هذه التقنية على المستوى البحثي باستخدام حيوانات تجارب لعلاج العديد من الامراض. يتم حاليًا إجراء المزيد من الابحاث في المراكز البحثية بمختلف دول العالم لإثبات فعالية تقنية الطباعة الحيوية ثلاثية الابعاد لعلاج او تعويض العديد من الاعضاء او الانسجة المريضة او المفقودة مثل عضو البنكرياس، الكلى، القلب، النسيج الجلدي، العظمي، الغضروفي، العصبي، والعديد من الأنسجة والأعضاء الأخرى.

  1. التحديات الحالية والتوجهات المستقبلية بالهندسة التجديدية:

على الرغم من النجاحات العديدة للهندسة التجديدية، لا تزال هناك العديد من التحديات التي يجب معالجتها لتحقيق الأهداف المرجوة من هذا المجال بالشكل المطلوب. تتمثل إحدى التحديات في الحاجة إلى تطوير طرق تمكن من تمايز الخلايا الجذعية الوسيطة الى جميع أنواع الخلايا بالجسم. حاليًا، تستطيع الخلايا الجذعية البسيطة من التمايز إلى عدد محدود من الخلايا، مما يجعلها غير قادرة على تكوين بعض الانسجة او الأعضاء.

التحدي الآخر هو الحاجة إلى طرق أكثر فعالية لإنتاج السقالات الحية. التقنيات الحالية، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، محدودة بسبب عدم قدرتها على إنتاج سقالات حيوية بأحجام تتناسب مع الاحجام البشرية. لذا، تطوير هذه التقنيات ضروري ويجب ان يكون مستمر لنتمكن من مواجهة هذا التحدي.

أخيرًا، تتضمن التوجهات المستقبلية للهندسة التجديدية تطوير مواد حيوية جديدة يمكنها محاكاة خصائص الانسجة المختلفة بشكل أفضل، بالإضافة الى استخدام تقنيات التعديل الجيني لتعزيز وظائف الخلايا المستخدمة في هندسة الأنسجة، وتطوير طرق حالية او تصنيع طرق جديدة لإنتاج سقالات بأحجام تتناسب مع الأحجام البشرية.

  1. المراجع:
  • Langer R, Vacanti JP. Tissue engineering. Science. 1993;260(5110):920-6.
  • Atala A, Lanza R, Thomson JA, Nerem R. Principles of regenerative medicine. 3rd ed. Academic Press; 2019.
  • Slaughter BV, Khurshid SS, Fisher OZ, Khademhosseini A, Peppas NA. Hydrogels in regenerative medicine. Adv Mater. 2009;21(32-33):3307-29.
  • Ma PX, Zhang R. Synthetic nano-scale fibrous extracellular matrix. J Biomed Mater Res. 1999;46(1):60-72.
  • Dorozhkin SV. Calcium orthophosphate-based bioceramics. Materials. 2009;2(2):399-498.

 

  • Gao G, Cao Y, Zhang X. A study on three-dimensional printing of hydroxyapatite scaffolds with well-defined internal architecture and porosity. J Biomed Mater Res A. 2008;85(1):130-7.
  • Murphy SV, Atala A. 3D bioprinting of tissues and organs. Nat Biotechnol. 2014;32(8):773-85.
  • Bhatia, S., 2012. Tissue engineering for clinical applications. Journal of biosciences, 37(1),
  • T. Laurencin, A. A. Ambrosio, M. D. Borden, J. A. Cooper, in Annual Review of Biomedical Engineering, M. L. Yarmush, Ed. (Annual Reviews, Palo Alto, 1999), pp. 19–46
  • Laurencin CT, Khan Y, Regenerative Engineering, Science translational medicine, 2012, 4, NO. 160
  • Matai, G. Kaur, A. Seyedsalehi, A. McClinton, C. T. Laurencin, Biomaterials2019, 226, 119536.
  • Reichert WM, Ratner BD, Anderson J., et al. 2010 Panel on the biomaterials grand challenges. J Biomed Mater Res A2011;96:275–87

موقعنا يستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك أثناء التصفح